في خطوة جديدة تعكس حرص المملكة المغربية على تعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد، عين الملك محمد السادس، يوم الاثنين 24 مارس 2025، السيد محمد بنعليلو، وسيط المملكة السابق، رئيسًا للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، خلفًا لمحمد البشير الراشدي.
يأتي هذا التعيين تتويجًا لمسيرة مهنية طويلة وحافلة بالإنجازات، حيث أثبت بنعليلو كفاءته ونزاهته في عدة مناصب قضائية وإدارية، بالإضافة إلى دوره المحوري كوسيط للمملكة على مدى أكثر من ست سنوات.
وُلد محمد بنعليلو سنة 1975، وهو متزوج وأب لطفلين. حصل على دبلوم الدراسات العليا في الحقوق، وهو ما شكّل نقطة انطلاق قوية لمسيرته المهنية المتميزة. انخرط بنعليلو في السلك القضائي مبكرًا، حيث شغل مناصب بارزة مثل مستشار بمحكمة النقض، وقاضٍ بالمحكمة الإدارية بالرباط، وقاضي تحقيق بالمحكمة الخاصة للعدل بالرباط، بالإضافة إلى عمله قاضيًا بالمحكمة الابتدائية بطنجة. كما تميز بتدريسه للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية بالمعهد العالي للقضاء، وكأستاذ زائر في معاهد أخرى، مما عزز مكانته كخبير قانوني متمرس.
إلى جانب ذلك، تولى بنعليلو مسؤوليات إدارية رفيعة المستوى، منها رئاسة قطب الشؤون الإدارية والتكوين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومدير الموارد البشرية بوزارة العدل، ومدير الدراسات والتعاون والتحديث بوزارة العدل والحريات، ورئيس ديوان وزير العدل والحريات. كما شغل مناصب أخرى مثل رئيس قسم القضايا الجنائية الخاصة، وعضو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، وعضو وحدة معالجة المعلومات المالية.
في 13 دجنبر 2018، عينه جلالة الملك محمد السادس وسيطًا للمملكة في حفل رسمي بالقصر الملكي بالرباط، ليبدأ مرحلة جديدة في مسيرته استمرت لأكثر من ست سنوات.
خلال هذه الفترة، برز بنعليلو كشخصية فاعلة في حل الأزمات الاجتماعية، أبرزها دوره في نزع فتيل "أزمة طلبة كليات الطب" التي استمرت 11 شهرًا. في تلك الأزمة، نجح في الوساطة بين الطلبة المضربين، الذين قاطعوا الدروس والامتحانات، وبين وزارة التعليم العالي وإدارات كليات الطب والصيدلة.
يُعتبر هذا الإنجاز علامة فارقة، إذ أشاد الكثيرون بقدرته على إنهاء أطول إضراب في تاريخ الحركة الطلابية بالمغرب، مؤكدين أن نجاحه يعكس أهمية مؤسسة الوسيط كجهاز دستوري مستقل يعزز الحوار ويحل النزاعات الاجتماعية. هذا الدور عزز من سمعته كشخصية تتمتع بالمصداقية والكفاءة في إدارة الأزمات.
سبق لمحمد بنعليلو أن حظي بتكريم ملكي رفيع، حيث نال وسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط كبير، وهو وسام يُمنح للشخصيات التي قدمت خدمات جليلة للوطن في المجالات المدنية والعسكرية والاجتماعية. هذا التكريم يعكس الثقة الكبيرة التي حظي بها من طرف الدولة.
واليوم، مع تعيينه رئيسًا للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يواجه بنعليلو تحديًا جديدًا يتمثل في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في المغرب. تأتي هذه الخطوة في سياق التزام المملكة بتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي أطلقت في السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى تعزيز الحكامة الجيدة وحماية المال العام.
يترقب المواطنون والمراقبون أداء بنعليلو في منصبه الجديد، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها الهيئة، مثل تعزيز آليات الرقابة، وتطوير التشريعات المتعلقة بالنزاهة، ونشر ثقافة الشفافية في المؤسسات العمومية والخاصة. ومع خبرته القضائية والإدارية الواسعة، يبدو أن بنعليلو مؤهل لقيادة هذه الهيئة نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
بهذا التعيين، يواصل المغرب مسيرته نحو تعزيز دولة الحق والقانون، حيث يُعد اختيار شخصية بوزن محمد بنعليلو دليلاً على الإرادة الملكية في الارتقاء بمستوى النزاهة والشفافية في البلاد. فهل سيكون هذا المنصب محطة جديدة لإثبات الكفاءة والتفاني في خدمة الوطن؟ الأيام القادمة ستكشف المزيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق