صراع حاد بين مهنيي المقاهي والمطاعم بالمغرب حول أرضية قانونية مثيرة للجدل


تشهد الساحة المهنية لقطاع المقاهي والمطاعم بالمغرب حالة من التوتر المتزايد، بعد أن أثارت أرضية قانونية مقترحة، قدمتها الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم في فبراير الماضي، انقساماً حاداً بين المهنيين. الأرضية، التي تهدف إلى ضبط شروط استغلال المقاهي والمطاعم وتنظيم شغلها للملك العام الجماعي، تضمنت شروطاً أثارت جدلاً واسعاً، من بينها اشتراط حلق اللحية على الأجراء، تحديد سن الراغبين في استغلال هذا النشاط بـ20 عاماً على الأقل، والسماح للقاصرين (من 16 عاماً فما فوق) بدخول "مقاهي البلياردو" بمرافقة أحد الوالدين أو بترخيص خطي.

الفيدرالية الوطنية لجمعيات المقاهي والمطاعم بالمغرب أعلنت، في بيان رسمي أصدرته يوم الإثنين الماضي (17 مارس 2025)، رفضها القاطع لهذه الأرضية، متهمة الجامعة الوطنية بالاستفراد وتجاوز اختصاصاتها القانونية. واعتبرت الفيدرالية أن الشروط المقترحة، مثل إلزام الأجراء بحلق اللحية، تمثل "خطاً أحمر" يمس الحرية الشخصية للعاملين في القطاع، مؤكدة أن مثل هذه القرارات يجب أن تظل اختيارية وليست إجبارية. كما انتقدت الفيدرالية ما وصفته بـ"اختلالات قانونية" في الأرضية، مشيرة إلى أنها تتعارض مع الأنظمة الجارية وتهدد مكتسبات المهنيين.

من جانبه، دافع نور الدين الحراق، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم، عن المقترح في تصريحات حديثة، مؤكداً أن الأرضية ليست مشروع قانون نهائي، بل مجرد تمهيد له، وأنها استمدت 75% من مضامينها من القوانين المغربية السارية، و25% من تجارب دول أوروبية ومقترحات مهنيين مغاربة في المهجر. وأضاف أن العملية جاءت نتيجة مشاورات مع مؤسسات رسمية، بما في ذلك وزارة الداخلية، وفرق برلمانية، مشدداً على أن الجامعة منفتحة على جميع الاقتراحات لتجويد النص.

في المقابل، أعرب محمد بوزيت، رئيس الفيدرالية الوطنية، عن استيائه الشديد من "فرض شروط تعسفية"، مؤكداً أن أي إصلاح للقطاع يجب أن يتم بإجماع المهنيين وليس بقرار منفرد من طرف واحد. وانتقد بوزيت غياب التشاور الشامل، مشيراً إلى أن الأرضية لم تحظَ بقبول واسع، خاصة فيما يتعلق بمسائل مثل منح شهادات التكوين، التي اعتبرها اختصاصاً حصرياً للمؤسسات الرسمية وليس للجامعة.

ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن الجامعة الوطنية كانت قد مددت مهلة صياغة النسخة النهائية للأرضية إلى 15 مارس 2025، بعد نقاشات موسعة خلال الدورة الاستثنائية الخامسة لمجلسها الوطني بمراكش في فبراير الماضي، حيث شكلت لجنة مواكبة لدمج ملاحظات المهنيين. لكن هذا التمديد لم يخفف من حدة الانتقادات، حيث يرى معارضو المشروع أنه يعزز هيمنة الجامعة على القطاع ويحد من التعددية المهنية.

يأتي هذا الجدل في وقت تستعد فيه المغرب لاستضافة تظاهرات دولية كبرى، مثل مونديال 2030، مما يجعل تنظيم قطاع المقاهي والمطاعم أولوية ملحة. ومع تصاعد الخلافات، يبقى السؤال: هل ستنجح الأطراف المعنية في التوصل إلى توافق يرضي الجميع، أم أن القطاع سيظل رهينة الصراعات الداخلية؟

القادم من الأيام قد يكشف مصير هذا الملف الشائك، في ظل دعوات متزايدة للحوار والإصلاح الشامل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق