شراكة استراتيجية بين “اتصالات المغرب” و”إنوي” لتطوير الجيل الخامس والألياف البصرية

مسؤولون من “اتصالات المغرب” و”إنوي” يوقعون اتفاقية الشراكة التاريخية في الرباط يوم 27 مارس 2025، بحضور ممثلين عن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، معلنين عن خطة طموحة لنشر شبكة الجيل الخامس وتوصيل ملايين المنازل بالألياف البصرية، في إطار استثمار يصل إلى مليار دولار.
في خطوة وصفها المراقبون بـ”التاريخية” و”غير المسبوقة”، أعلنت شركتا “اتصالات المغرب” و”إنوي” عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية تهدف إلى طي صفحة الخلافات الممتدة لسنوات بين الطرفين، وتسريع نشر شبكات الجيل الخامس (5G) والألياف البصرية عبر التراب المغربي.

هذا الاتفاق، الذي جاء بعد شهر من إنهاء مهام الرئيس التنفيذي السابق لـ”اتصالات المغرب” عبد السلام أحيزون، يُعد بمثابة نقطة تحول في قطاع الاتصالات بالمملكة، مع استثمارات طويلة الأمد تُقدر بمليار دولار.

وفقًا لبلاغ مشترك صادر عن الشركتين، ستعمل “اتصالات المغرب” و”إنوي” على تقاسم البنية التحتية للاتصالات من خلال تأسيس شركتين مشتركتين مملوكتين بنسبة 50% لكل طرف.

الأولى، “FiberCo”، ستتولى نشر الألياف البصرية لتوفير إنترنت عالي السرعة للمشتركين، بهدف الوصول إلى مليون وصلة خلال عامين و3 ملايين وصلة في غضون 5 سنوات. أما الثانية، “TowerCo”، فستركز على تطوير شبكة الجيل الخامس من خلال بناء وتأهيل أبراج الاتصالات، مع خطة طموحة لبلوغ 2000 برج في 3 سنوات و6000 برج في أفق 10 سنوات.

وتبلغ قيمة الاستثمارات المخصصة للمرحلة الأولى (3 سنوات) حوالي 4.4 مليار درهم، فيما يُتوقع أن تصل الاستثمارات الإجمالية إلى ما لا يقل عن مليار دولار على المدى الطويل. ومع ذلك، يبقى تنفيذ هذه الشراكة مرهونًا بموافقة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، التي ستتولى مراقبة العملية لضمان الامتثال للمعايير التنظيمية.

جاءت هذه الشراكة لتُنهي نزاعًا قضائيًا طويل الأمد بين الشركتين، حيث كانت “اتصالات المغرب” ملزمة بدفع غرامة قدرها 6.38 مليار درهم لصالح “إنوي” بسبب قضية تتعلق بتقاسم البنية التحتية. وفي إطار الاتفاق، تنازلت “إنوي” عن 2 مليار درهم من هذا المبلغ، ليصبح المستحق 4.38 مليار درهم فقط، في خطوة عكست رغبة الطرفين في تجاوز الصراع والتركيز على المستقبل.

يأتي هذا التحالف بعد شهر من تعيين محمد بنشعبون، الرئيس السابق لـ”ANRT”، رئيسًا تنفيذيًا جديدًا لـ”اتصالات المغرب” خلفًا لعبد السلام أحيزون، الذي ارتبط رحيله بالضغوط الناتجة عن الغرامة القضائية وتهديدات المساهم الرئيسي، مجموعة “إي آند جروب” الإماراتية (52%)، بإعادة النظر في استثماراتها بالشركة.

وكشفت تقارير مالية من وحدة الأبحاث التابعة لبنك CFG أن صافي دخل “اتصالات المغرب” تراجع بنسبة 66% في 2024، ليصل إلى 1.8 مليار درهم، متأثرًا بالغرامة والمنافسة المتزايدة والبيئة التنظيمية الصارمة.

تتجاوز أهمية هذه الشراكة الجوانب التجارية لتتماشى مع أهداف وطنية كبرى. فمن جهة، ستدعم البنية التحتية الرقمية المطلوبة لاستضافة كأس العالم 2030، حيث تفرض “الفيفا” معايير صارمة للاتصالات.

ومن جهة أخرى، ستساهم في تحقيق “استراتيجية المغرب الرقمي 2030”، التي تستهدف تغطية 70% من السكان بشبكة 5G وتوصيل 5.6 مليون منزل بالألياف البصرية بحلول نهاية العقد.

يرى المحللون أن هذا التعاون قد يعيد تشكيل قطاع الاتصالات بالمغرب، لكنهم يحذرون من تحديات محتملة، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة وتطور أنماط استهلاك المستخدمين. وقال أحد المراقبين: “الاتفاق مفاجئ وطموح، لكنه يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الشركتين والجهات التنظيمية لضمان نجاحه”.

تُظهر هذه الشراكة بين “اتصالات المغرب” و”إنوي” تحولًا جذريًا في استراتيجية الفاعلين الرئيسيين بقطاع الاتصالات المغربي، مع وعود بتحسين تجربة المستخدمين وتعزيز مكانة المغرب كمركز تكنولوجي إقليمي.

وبينما يترقب الجميع موافقة “ANRT” وانطلاق المشاريع المشتركة، تبقى الأنظار متجهة نحو ما إذا كانت هذه الخطوة ستُترجم إلى نجاح ملموس يخدم المواطن والاقتصاد الوطني على حد سواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق