يواصل حقوقيون ونشطاء مغاربة مطالبتهم بالإفراج الفوري عن المدون والناشط الحقوقي محمد بوستاتي، عضو جماعة العدل والإحسان، الذي اعتقلته السلطات المغربية يوم الأربعاء 26 فبراير 2025 من مدينة سطات. ويأتي اعتقاله على خلفية تدوينات نشرها على منصات التواصل الاجتماعي، تضمنت آراء مناهضة للتطبيع مع إسرائيل وانتقادات لمواقف بعض الأنظمة العربية، بما في ذلك النظام السعودي، وما اعتبره "تواطؤاً" مع الكيان الصهيوني ضد القضية الفلسطينية.
وأثارت القضية جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والشعبية، حيث اعتبرت منظمات مثل الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين "همم" أن اعتقال بوستاتي يندرج ضمن سياسة "القمع المنهجي" للرأي والتعبير في المغرب. وفي بيان لها، طالبت الهيئة بإطلاق سراحه فوراً، مشيرة إلى أن التهم الموجهة إليه مرتبطة بتدويناته، وبالتالي يجب أن تُعالج وفق قانون الصحافة والنشر بدلاً من القانون الجنائي.
تأجيل المحاكمة وطلب الإفراج المؤقت
قدمت المحكمة الابتدائية بخريبكة، في جلسة عقدت يوم الإثنين 3 مارس 2025، قراراً بتأجيل ملف بوستاتي إلى يوم الإثنين 10 مارس 2025، لمنح هيئة الدفاع وقتاً كافياً لإعداد مرافعتها. وخلال الجلسة، تقدم محامو المدون بطلب للإفراج المؤقت عنه، مستندين إلى توفر الضمانات القانونية لحضوره أمام القضاء، بما في ذلك استقراره الاجتماعي وعنوان سكنه الثابت.
وأكد الدفاع أن الاعتقال الاحتياطي يجب أن يكون استثناءً وليس قاعدة، مستشهدين بالمادة 159 من قانون المسطرة الجنائية المغربي التي تعتبر البراءة هي الأصل. ووفقاً لمصادر حقوقية، تمت الموافقة على طلب الإفراج المؤقت في آخر جلسة، مما عزز موقف الدفاع.
ردود فعل متباينة
أثارت قضية بوستاتي نقاشاً حاداً على منصة إكس وفي الأوساط الحقوقية. ففي حين يرى نشطاء أن اعتقاله يمثل انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير المكفولة دستورياً، لم تصدر السلطات المغربية أي تعليق رسمي حتى الآن لتوضيح موقفها من القضية. ويضيف المراقبون أن هذه الحادثة تضع المغرب مجدداً تحت مجهر المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، التي طالما انتقدت ما وصفته بـ"تضييق الخناق" على الأصوات المعارضة.
خلفية بوستاتي
محمد بوستاتي، المعروف بنشاطه الإعلامي وانتمائه لجماعة العدل والإحسان، ليس وجهاً جديداً في المشهد الحقوقي المغربي. وقد اشتهر بتدويناته التي تنتقد السياسات الداخلية والخارجية، خاصة ما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل، وهي قضية حساسة في المغرب منذ توقيع اتفاق التطبيع في ديسمبر 2020 برعاية أمريكية. ويرى أنصاره أن اعتقاله محاولة لإسكات صوته في وقت تزداد فيه الضغوط الشعبية المناهضة للتطبيع.
مستقبل القضية
مع اقتراب موعد الجلسة المقبلة يوم 10 مارس 2025، تتجه الأنظار نحو المحكمة الابتدائية بخريبكة لمعرفة مصير بوستاتي. وفيما يواصل الحقوقيون حملتهم للضغط من أجل إطلاق سراحه، يبقى السؤال المطروح: هل ستشكل هذه القضية نقطة تحول في التعامل مع حرية التعبير في المغرب، أم أنها ستظل حلقة أخرى في سلسلة التوتر بين السلطات والنشطاء؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق