رحيل محمد البشير الراشدي من رئاسة الهيئة الوطنية للنزاهة وتعيين محمد بنعليلو خلفاً له

رحيل محمد البشير الراشدي من رئاسة الهيئة الوطنية للنزاهة وتعيين محمد بنعليلو خلفاً له
في خطوة مفاجئة أعلن فيها الملك محمد السادس، يوم الإثنين 24 مارس 2025، تعيين وسيط المملكة محمد بنعليلو خلفاً لمحمد البشير الراشدي على رأس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أُسدل الستار على سبع سنوات من قيادة الراشدي لهذه المؤسسة التي شكلت محور نقاش واسع في الساحة السياسية المغربية.

هذا القرار الملكي يضع حداً لمسار حافل بالتحديات والإنجازات، شهد خلاله الراشدي محطات بارزة أثارت جدلاً واسعاً، لكنه ترك بصمة لا تُمحى في جهود تعزيز النزاهة ومحاربة الفساد.

تولى محمد البشير الراشدي رئاسة الهيئة في 13 دجنبر 2018 بتعيين من الملك محمد السادس، حاملاً معه خبرة مهنية طويلة وتاريخاً غنياً بالمسؤوليات الوطنية والدولية. خلال فترة قيادته، عمل على تقديم تقارير سنوية حول واقع الرشوة في المغرب، لكن هذه التقارير لم تمر دون أن تثير ردود فعل متباينة.

آخر هذه المحطات كانت في أكتوبر 2024، عندما انتقد الراشدي ضعف التفاعل الحكومي مع توصيات الهيئة، وهو ما أشعل فتيل مواجهة علنية مع الحكومة. حينها، رد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس متهماً الهيئة بالمطالبة بما هو خارج إطار صلاحياتها القانونية، مؤكداً أن محاربة الفساد مسؤولية مشتركة لا يمكن لجهة أن تدعي التفوق فيها على أخرى.

لم تتوقف الأزمة عند هذا الحد، بل تصاعدت مع قرار الحكومة خفض ميزانية الهيئة لسنة 2025 بما يقارب 60 مليون درهم مقارنة بالسنة الجارية. برر بايتاس هذا القرار بأن المؤسسات الجديدة تحتاج ميزانيات مرتفعة في بداياتها لتغطية تكاليف التأسيس، لكن هذه الحاجة تتراجع مع الوقت. ومع ذلك، اعتبر البعض أن هذا التخفيض كان بمثابة رد فعل على مواقف الراشدي الناقدة، مما زاد من حدة التوتر بين الهيئة والحكومة.

يغادر الراشدي منصبه تاركاً وراءه إرثاً مهنياً متميزاً. وُلد في سنة 1960 بمدينة خريبكة، وحصل على دبلوم مهندس دولة من المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط في الهندسة الكهربائية والمعلوميات الصناعية. تدرج في مسؤوليات عديدة، منها عضويته في اللجنة التنفيذية للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، ورئاسته للرابطة الجمعوية لرصد انتخابات 2002، فضلاً عن دوره ككاتب عام لـ"ترانسبارنسي المغرب" ومدير لجنة الأخلاقيات والحكامة الجيدة بالاتحاد العام لمقاولات المغرب.

على الصعيد الدولي، ساهم الراشدي في تعزيز مكانة المغرب، حيث أعيد انتخابه في 6 فبراير 2025 ممثلاً للمملكة في اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد (IAACA). كما يشغل حالياً منصب رئيس مدير عام لمجموعة اقتصادية مغربية متخصصة في الحلول المعلوماتية، إلى جانب عضويته في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومجلس المرصد الوطني للتنمية البشرية.

مع تعيين محمد بنعليلو، وسيط المملكة، خلفاً للراشدي، تفتح صفحة جديدة أمام الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن القيادة الجديدة من تجاوز التحديات التي واجهتها الهيئة، وتعزيز دورها في ظل علاقة متوترة مع الحكومة؟ الإجابة ستتضح مع الأيام، لكن ما هو مؤكد أن مسار محمد البشير الراشدي سيظل محطة بارزة في تاريخ هذه المؤسسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق