في خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي ومواجهة التحديات المناخية المتزايدة، أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المغربية عن خطة طموحة تهدف إلى تأمين 80% من احتياجات المملكة من الحبوب والبقوليات بحلول عام 2030. تأتي هذه الخطة في ظل تصاعد ظاهرة الجفاف ونقص المياه، اللذين يهددان القطاع الزراعي، وهو العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
استراتيجية شاملة لمواجهة الجفاف
أكد الوزير أحمد البواري أن الخطة تركز على تقليص التبعية للمناخ من خلال تخصيص مليون هكتار لزراعة الحبوب المقاومة للجفاف، مثل القمح والشعير، بهدف إنتاج 80 مليون قنطار (8 ملايين طن) سنويًا، بغض النظر عن الظروف المناخية. وتتضمن الخطة اعتماد تقنيات زراعية حديثة، مثل الزراعة المحافظة التي تعتمد على الحد الأدنى من الحراثة وتغطية التربة، لتعزيز استدامة المحاصيل وزيادة الإنتاجية.
استثمارات ضخمة في إدارة الموارد المائية
لتأمين استدامة الخطة، خصصت الحكومة ميزانية قدرها 7.3 مليارات درهم لتطبيق تقنيات الري التكميلي في المناطق البورية، باستخدام 1000 إلى 1500 متر مكعب من المياه لكل هكتار. كما تعتزم المملكة الاستفادة من تحلية مياه البحر لتوفير مليار متر مكعب من المياه سنويًا، مما سيسمح بري 150 ألف هكتار وتزويد المدن الساحلية، مثل الدار البيضاء وأكادير، بمياه الشرب.
وأشار الوزير إلى أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى حماية السدود من الاستنزاف والحفاظ على توازن استخدام المياه بين القطاع الزراعي والاحتياجات المنزلية. ومن المقرر أن تصل الطاقة الإنتاجية لمحطات تحلية المياه إلى 1.4 مليار متر مكعب بحلول 2030، بدعم من إنشاء محطات جديدة وتوسيع مشاريع إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
دعم بحثي ودولي لضمان النجاح
تعتمد الخطة على تعاون وثيق مع المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) ومركز بحوث المناطق الجافة (ICARDA) لتطوير بذور مقاومة للجفاف، إلى جانب دمج تقنيات مثل الري بالتنقيط والتسميد البطيء. كما تحظى الخطة بدعم دولي، بما في ذلك برامج البنك الدولي مثل "تحويل نظم الأغذية الزراعية" بقيمة 250 مليون دولار، التي تهدف إلى تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة.
تحديات وتطلعات
على الرغم من طموح الخطة، تواجه المملكة تحديات مثل ارتفاع تكاليف تحلية المياه، وصعوبات دمج المزارعين الصغار في التقنيات الحديثة، إلى جانب الاعتماد المستمر على الواردات خلال السنوات الانتقالية. ومع ذلك، تؤكد الحكومة التزامها بتذليل هذه العقبات من خلال سياسات دعم مستهدفة وشراكات بين القطاعين العام والخاص.
رؤية لأمن غذائي مستدام
تُعد هذه الخطة جزءًا من استراتيجية "الجيل الأخضر 2020-2030"، التي تهدف إلى تحديث القطاع الزراعي وتعزيز دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع تركيزها على الابتكار والاستدامة، تسعى المملكة إلى بناء نظام غذائي مرن يحمي مواردها الطبيعية ويضمن استقرارها الغذائي في مواجهة التغيرات المناخية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق