المغرب يتصدر قائمة أرخص دول العالم في تصنيع السيارات بتكلفة لا تتجاوز 106 دولارات لكل مركبة

المغرب يتصدر ترتيب الدول الأرخص في تصنيع السيارات عالميًا بتكلفة 106 دولارات فقط


أفاد تقرير صادر عن شركة الاستشارات العالمية "أوليفر وايمان (Oliver Wyman)  " بأن المملكة المغربية أصبحت الدولة الأرخص عالميًا في تكلفة تصنيع السيارات، حيث تبلغ تكلفة اليد العاملة لتصنيع سيارة واحدة في المغرب حوالي 106 دولارات أمريكية، أي ما يعادل تقريبًا 1000 درهم مغربي. ويعكس هذا الرقم تفوق المغرب على عدد كبير من الدول الصناعية الكبرى، مثل رومانيا التي تصل فيها تكلفة اليد العاملة إلى 273 دولارًا، والمكسيك بـ305 دولارات، وتركيا بـ414 دولارًا، وحتى الصين التي تبلغ فيها التكلفة 597 دولارًا.


ووفقًا للتقرير، الذي اعتمد على دراسة بيانات ما يزيد عن 250 مصنع سيارات حول العالم، فإن تفوق المغرب لا يعود فقط إلى انخفاض الأجور، بل إلى مجموعة من العوامل المترابطة التي ساهمت في جعله مركزًا تنافسيًا في مجال صناعة السيارات. فالمصانع المغربية تعتمد على بنى تحتية صناعية حديثة، وتتميز بخطوط إنتاج فعالة، وسلاسل توريد مستقرة، وهو ما يقلل من الوقت المطلوب لتجميع المركبات ويحد من تعقيدات التصميم والتجميع. هذا التكامل في عناصر الإنتاج يمنح المغرب ميزة تنافسية واضحة في سوق يشهد تغيرات كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة وتباطؤ الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، فضلًا عن ظهور قيود تجارية جديدة في عدة مناطق.


الموقع الجغرافي للمغرب كان له أيضًا دور حاسم في صعوده كمركز صناعي بارز. فموقعه القريب من الأسواق الأوروبية، مع اتساع نطاق البنية التحتية اللوجستية والموانئ، جعل منه قاعدة إنتاجية مثالية لشركات صناعة السيارات، خاصة الفرنسية منها، لتوريد منتجاتها إلى أوروبا وأفريقيا. ويؤدي المغرب اليوم دورًا مشابهًا لذلك الذي تلعبه المكسيك في صناعة السيارات الأميركية، حيث يُستغل الموقع لتقليل التكاليف وتقليص أوقات الشحن والوصول إلى الأسواق.


وشهد قطاع تصنيع السيارات في المغرب نموًا لافتًا خلال السنوات القليلة الماضية. فبين عامي 2019 و2024، ارتفع إنتاج السيارات بنسبة 29%، في وقت تراجعت فيه معدلات التصنيع في دول أوروبية كبرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا. وقد دفع هذا النمو شركات عالمية كبرى مثل رينو وستيلانتيس إلى توسيع استثماراتها في المغرب، حيث توجد لهما مصانع ضخمة في مدينتي طنجة والقنيطرة. وتُقدّر هذه الشركات المناخ الاستثماري المستقر الذي توفره المملكة، فضلًا عن توفر العمالة المؤهلة بتكلفة تنافسية.


التقرير أشار أيضًا إلى أن المغرب لم يعد يقتصر على تصنيع السيارات التقليدية فقط، بل بات يُمثل وجهة واعدة لصناعة السيارات الكهربائية والهجينة. ويأتي ذلك في وقت يبحث فيه المصنعون العالميون عن بدائل منخفضة التكلفة لمواجهة تراجع الطلب على المركبات الكهربائية في بعض الأسواق، وارتفاع أسعار المواد الأولية والطاقة. ويستفيد المغرب في هذا السياق من سياساته الصناعية التي تشجع على الابتكار، ومن استثمارات متزايدة في التكوين المهني وتكنولوجيا التصنيع.


ويُعزز الأداء القوي لقطاع السيارات مكانة المغرب كفاعل رئيسي في سلاسل التوريد العالمية، ويمنحه فرصًا جديدة لتعميق شراكاته الاقتصادية مع أوروبا وأفريقيا على حد سواء. كما أن النمو المستمر في إنتاج المركبات، وتوسيع الطاقات الإنتاجية، يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو ترسيخ موقع المملكة كمنصة صناعية إقليمية متقدمة في مجال السيارات، سواء التقليدية أو الكهربائية.

ويُتوقع أن تستمر الاستثمارات في هذا القطاع خلال السنوات المقبلة، بدعم من السياسات الحكومية الداعمة للتصنيع المحلي، والبرامج الموجهة لجذب الشركات الأجنبية، وتطوير مهارات الكفاءات الوطنية. ويُعد هذا التحول الصناعي جزءًا من رؤية اقتصادية شاملة تستهدف تنويع الاقتصاد المغربي وتعزيز صادراته الصناعية عالية القيمة، ما يُمكن أن يُساهم في خلق فرص شغل جديدة ورفع معدلات النمو الاقتصادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق