
في تقرير حصري أصدرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) هذا الشهر، يبرز المغرب كنجم الإصلاحات التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متصدرًا قائمة أفضل عشر دول في الأداء التجاري بين عامي 2022 و2024. تحت عنوان "مؤشرات تيسير التجارة: رصد السياسات إلى غاية 2025"، يسلط التقرير الضوء على التحسينات الجذرية التي قادت المملكة لتكون نموذجًا إقليميًا يحتذى به، فما الذي جعل المغرب يتفوق في هذا المجال؟
وفقًا للتقرير، حقق المغرب تقدمًا لافتًا في تحسين بيئة التجارة، متجاوزًا العديد من دول المنطقة التي شهدت تحسنًا بنسبة 71% في أدائها التجاري خلال الفترة المذكورة. لكن المغرب تميز بقيادته لهذه الجهود، حيث ركز على تعزيز التنسيق بين الوكالات الحدودية وتبسيط الإجراءات الجمركية. هذه الخطوات جعلته يحتل صدارة القائمة، مما يعكس التزامه المستمر بتطوير البنية التنظيمية وتيسير حركة البضائع.
من أبرز الإصلاحات التي أشاد بها التقرير إنشاء ممرات خاصة للسلع سريعة التلف، مما قلص فترات المعالجة دون التأثير على الامتثال للقوانين الجمركية. كما أعاد المغرب هيكلة مسارات الوثائق المتعلقة بالتصدير والاستيراد، وطبق تدابير لتسريع عمليات المراقبة بعد التخليص الجمركي، مما سهل التجارة عبر الحدود بشكل ملحوظ. وفي خطوة ثورية، أطلق المغرب منصات رقمية مركزية تعرض تفاصيل الرسوم والغرامات والتشريعات، مانحة الفاعلين الاقتصاديين شفافية غير مسبوقة ومقلصة التكاليف الإدارية.
إلى جانب اقتصادات رائدة مثل الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عمان، وإسرائيل، يبرز المغرب كقوة تجارية صاعدة. التقرير أشاد بقدرة المملكة على تحقيق توازن بين الصرامة الإدارية والكفاءة التشغيلية، مما جعلها تتفوق في تحسين إدارة التدفقات التجارية. هذا الإنجاز يضع المغرب في مصاف الدول التي تستعد لقيادة التحولات الاقتصادية في المنطقة.
تتوقع OCDE أن تستمر هذه الإصلاحات في تعزيز تنافسية المغرب خلال السنوات المقبلة، مع تركيز متزايد على تسريع حركة السلع ومواكبة متطلبات التجارة الدولية الحديثة. ويرى المحللون أن هذه الخطوات قد تجعل المغرب مركزًا تجاريًا رئيسيًا في شمال إفريقيا، مستفيدًا من موقعه الاستراتيجي وجهوده الإصلاحية المستمرة.
بينما يواصل المغرب تعزيز مكانته كرائد في الإصلاحات التجارية، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن دول المنطقة الأخرى من محاكاة هذا النموذج الناجح؟ تقرير OCDE لمارس 2025 يؤكد أن المغرب ليس مجرد لاعب عابر، بل قوة اقتصادية تسعى لاستدامة تفوقها في عالم التجارة المتغير باستمرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق