شهدت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة في شمال المغرب دفعة قوية على مستوى الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، بعد أن تمّت المصادقة على سبعة مشاريع جديدة للطاقة الشمسية والريحية باستثمار إجمالي يفوق 20 مليار درهم. هذه المشاريع التي وافقت عليها اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار خلال الربع الأول من سنة 2025، تمثل نحو 72 في المئة من مجموع الاستثمارات التي تمت الموافقة عليها في الفترة ذاتها، وفقًا لمصادر تحدثت إلى "هسبريس" باللغة العربية.
وتأتي هذه الطفرة الاستثمارية استكمالًا لمسار تصاعدي في الجهة، حيث سجلت تقارير مركز الاستثمار الجهوي زيادة بنسبة 18 في المئة في الاستثمارات خلال نفس الفترة من العام الماضي 2024. ويُتوقع أن تساهم هذه المشاريع الجديدة في تعزيز المكانة الاقتصادية للمنطقة، لا سيما في ظل التوجه الوطني نحو التحول الطاقي وتحقيق السيادة في هذا القطاع الاستراتيجي.
المشاريع السبعة ستُقام في عدد من الأقاليم الشمالية، منها طنجة وتطوان وفحص أنجرة والمضيق-الفنيدق ووزان، مما يعكس توزعًا جغرافيًا مدروسًا يراعي الإمكانيات الطبيعية والبنية التحتية المتاحة في كل منطقة. ويقود هذه الاستثمارات كل من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، وشركة "طاقة المغرب"، إلى جانب "غرين باور المغرب"، ما يدل على تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص في دفع عجلة التحول الطاقي.
وتهدف هذه المبادرات إلى تنويع مصادر الطاقة وتعزيز تنافسية المقاولات المغربية في الأسواق الدولية، خاصة في ظل التوجهات العالمية المتزايدة لفرض ضرائب كربونية على المنتجات الصناعية القادمة من دول تعتمد بشكل كبير على الطاقات الأحفورية. كما أن هذه المشاريع تُعدّ مساهمة مباشرة في تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي تم إطلاقها سنة 2009، والتي ترمي إلى بلوغ قدرة إنتاجية إجمالية من الطاقات المتجددة تصل إلى 12.900 ميغاواط بحلول عام 2030.
ومن المنتظر أن تضيف المشاريع الجديدة قدرة إنتاجية مجمعة تصل إلى 2200 ميغاواط، وهو رقم كبير يعكس حجم الطموح الوطني في تقليص الاعتماد على الواردات الطاقية، ودعم النمو الصناعي والاقتصادي للبلاد. ويُعزز موقع الجهة الاستراتيجي، الممتد على الواجهة الأطلسية والبحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى تطور بنيتها التحتية في مجالات النقل والطاقة والموانئ، من جدوى هذه الاستثمارات ويمنحها مزايا تنافسية كبرى.
تنسجم هذه الدينامية الاستثمارية مع الرؤية الملكية الداعية إلى جعل الاستثمار رافعة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، كما تبرهن على أن المغرب يمضي بخطى ثابتة نحو تموقع إقليمي ودولي بارز في مجال الطاقات النظيفة، مستفيدًا من موارده الطبيعية وتوازناته المؤسساتية لجذب مزيد من رؤوس الأموال وتحقيق الأمن الطاقي للأجيال القادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق