دعم جمعيات المستهلك لتخفيض الأسعار
أعلنت الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك دعمها الكامل لمبادرة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية الهادفة إلى تخفيض أسعار الأدوية، معتبرة إياها خطوة أساسية لتعزيز الحق الدستوري في العلاج والرعاية الصحية. وفي بيان رسمي، أكدت الجامعة أن هذا المشروع يتماشى مع أخلاقيات مهنة الصيدلة ومبدأ الخدمة العمومية، ويعزز الثقة بين المستهلكين والصيادلة. كما رفضت الجامعة أي محاولات للضغط على الحكومة من خلال تهديدات بالإضراب، معتبرة أن مثل هذه الخطوات تشكل خطرًا مباشرًا على الأمن الدوائي وصحة المواطنين.
وطالبت الجامعة الهيئات الرقابية، بما في ذلك مجلس المنافسة، بفتح تحقيقات معمقة لمكافحة أي مظاهر احتكار أو تواطؤ سعري في القطاع الصيدلي، داعية إلى تفعيل آليات شفافة لمراقبة الأسعار وضمان عدالة التسعير. وشددت على أن “كرامة المواطن لا تقل عن كرامة المهني”، مؤكدة أن الوصول إلى الأدوية بأسعار معقولة هو حق أساسي يتماشى مع التوجهات الملكية لتعميم التغطية الصحية.
رفض الصيادلة وتهديد بالإضراب
في المقابل، عبرت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب عن رفضها القاطع للصيغة الحالية لمشروع المرسوم، واصفة إياه بـ”المنعطف الخطير” في مسار إصلاح المنظومة الدوائية. وانتقدت الكونفدرالية ما وصفته بـ”المقاربة الأحادية” للوزارة، التي تجاهلت ملاحظات ومقترحات المهنيين، معتبرة أن تطبيق المرسوم قد يؤدي إلى انهيار التوازنات الاقتصادية لصيدليات القرب، وبالتالي تهديد الأمن الدوائي الوطني.
وأعلنت الكونفدرالية عن نيتها تنظيم أشكال نضالية، بما في ذلك إضراب وطني قد يشمل إغلاق جميع الصيدليات، مع التنسيق مع نقابات مهنية أخرى لتوحيد الموقف. وأوضح محمد لحبابي، رئيس الكونفدرالية، أن النقابة ليست ضد تخفيض الأسعار بشكل عام، لكنها تطالب بسياسات متوازنة تراعي استقرار الصيدليات وترشيد نفقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مشيرًا إلى أن 150 دواءً باهظ الثمن يستنزفون أكثر من 54% من تعويضات الضمان الاجتماعي.
خلافات داخلية بين النقابات
تفاقم الجدل بظهور انقسامات بين نقابات الصيادلة أنفسهم. فقد استنكرت النقابة الوطنية لصيادلة المغرب تهديد الكونفدرالية بالإضراب، معتبرة أنه لا يحظى بإجماع نقابي. واتهم عبد الرزاق المنفلوطي، رئيس النقابة الوطنية، الكونفدرالية بعدم التمثيلية الكافية، مؤكدًا أن مشروع تخفيض الأسعار هو “مشروع وطني” يهدف إلى تمكين المواطنين من الوصول إلى الأدوية بأسعار معقولة. وأشار إلى أن النقابة تدعم الحوار البناء مع الوزارة لتحقيق تقدم يراعي مصالح المهنة والمواطنين على حد سواء.
تحديات أوسع في القطاع الصيدلي
يأتي هذا الخلاف في سياق تقارير سابقة أشارت إلى ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب مقارنة بدول أخرى، حيث أكد تقرير للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة أن الأسعار قد تكون أعلى بثلاث إلى خمس مرات مقارنة بدول أخرى. كما أثار تقرير المجلس الأعلى للحسابات لعام 2023 جدلًا حول هامش أرباح الصيادلة، الذي قدره بـ47-57%، وهو ما نفته النقابات مؤكدة أن الأرباح لا تتجاوز 8%.
تعكس معركة أسعار الأدوية في المغرب لعام 2025 صراعًا بين الحق في الوصول إلى علاج بأسعار معقولة وضرورة الحفاظ على استقرار القطاع الصيدلي. بينما تدافع جمعيات المستهلك عن مصلحة المواطنين وتطالب بتدابير رقابية صارمة، ترى نقابات الصيادلة أن المرسوم الحالي يهدد استدامة صيدليات القرب. وسط هذا التوتر، تبقى الحاجة ملحة إلى حوار تشاركي يضمن تحقيق التوازن بين مصالح المواطنين والمهنيين، مع ضمان الأمن الدوائي الوطني وتعزيز الثقة في المنظومة الصحية.